ابو النوري
02-02-2009, 01:40 AM
قال عثمان بن عطاء الخراساني : انطلقت مع أبي نُريد هشام بن عبد الملك ، فلما قَرُبنا إذا
بشيخ على حمار أسود على قميص دَنِس ، وجُبّة دنسة ، وقلنسوة لاطئة . دنسة ، وركاباه من
خشب ؛ فضحكت منه ، وقلت لأبي : من هذا الأعرابي ، قال : اسكت ، فهذا سيد فقهاء الحجاز
عطاء بن أبي رباح .
فلما قرب منا نزل أبي عن بغلته ، ونزل هو عن حماره ، فاعتنقا وتساءلا ، ثم عادا فركبا
وانطلقا حتى وقفا على باب هشام ؛ فما استقر بهما الجلوس حتى أذن لهما .
فلما خرج أبي قلت له : حدَّثني ما كان منكما . قال : لما قيل لهشام : إن عطاء ابن أبي رباح
بالباب أَذِنَ له ؛ فوالله ما دخلتُ إلا بسببه.
فلما رآه هشام قال : مرحباً مرحباً ، ههنا ، ههنا ، ولا زال يقول له : ههنا ههنا ، حتى أجلسهُ
معه على سريره ، ومسَّ بركبته ركبته – وعنده أشراف الناس يتحدثون فسكتوا .
فقال له : ما حاجتك يا أبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛ أهل الحرمين أهل الله وجيران
رسوله تُقَسَّم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم . قال : يا غلام : اكتب لأهل مكة والمدينة بعطاياهم
وأرزاقهم لِسنة .
ثم قال : هل من حاجة غيرها يا أبا محمد ! قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ، أهل الحجاز وأهل
نجد هم أصل العرب ، وقادة الإسلام ، تردُّ فيهم فضولَ صدقاتهم . قال : نعم ، يا غلام اكتب بأن
تُردّ فيهم فضول صدقاتهم . هل من حاجة غيرها ياأبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛
أهل الثغور يَرُدّون من ورائكم ، ويقاتلون عدوّكم ، تُجْري لهم أرزاقاً تدرّها عليهم ؛ فإنهم إن
هلكوا ضاعت الثغور . قال : نعم ، يا غلام ؛ اكتب بحمل أرزاقهم إليهم . هل من حاجة غيرها يا
أبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛ أهل ذمتكم لا يُكَلَّفون مالا يطيقون ؛ فإن ما تَجْبونه
منهم معونةٌ لكم على عدوكم . قال : نعم ، يا غلام ؛ اكتب لأهل الذمة بألا يكلَّفوا مالا يطيقون !
هل من حاجة غيرها ياأبا محمد ؟ قال : نعم ، اتَّقِ الله في نفسك ؛ فإنك خُلِقْتَ وحدك ، وتموت
وحدك ، وتُحْشَر وحدك ، وتحاسَب وحدك ، ولا والله ما معك ممن ترى أحدٌ !
فأكبَّ هشام يَنْكُت في الأرض ، وهو يبكي ؛ فقام عطاء .
فلما كنا عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس لا أدري ما فيه ؛ فقال : إن أمير المؤمنين أمر لك
بهذا . فقال : لا أسألكم عليه أجراً إنْ أجري َ إلا على رب ِّ العالمين ، فوالله ما شرب عنده قطرة
بشيخ على حمار أسود على قميص دَنِس ، وجُبّة دنسة ، وقلنسوة لاطئة . دنسة ، وركاباه من
خشب ؛ فضحكت منه ، وقلت لأبي : من هذا الأعرابي ، قال : اسكت ، فهذا سيد فقهاء الحجاز
عطاء بن أبي رباح .
فلما قرب منا نزل أبي عن بغلته ، ونزل هو عن حماره ، فاعتنقا وتساءلا ، ثم عادا فركبا
وانطلقا حتى وقفا على باب هشام ؛ فما استقر بهما الجلوس حتى أذن لهما .
فلما خرج أبي قلت له : حدَّثني ما كان منكما . قال : لما قيل لهشام : إن عطاء ابن أبي رباح
بالباب أَذِنَ له ؛ فوالله ما دخلتُ إلا بسببه.
فلما رآه هشام قال : مرحباً مرحباً ، ههنا ، ههنا ، ولا زال يقول له : ههنا ههنا ، حتى أجلسهُ
معه على سريره ، ومسَّ بركبته ركبته – وعنده أشراف الناس يتحدثون فسكتوا .
فقال له : ما حاجتك يا أبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛ أهل الحرمين أهل الله وجيران
رسوله تُقَسَّم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم . قال : يا غلام : اكتب لأهل مكة والمدينة بعطاياهم
وأرزاقهم لِسنة .
ثم قال : هل من حاجة غيرها يا أبا محمد ! قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ، أهل الحجاز وأهل
نجد هم أصل العرب ، وقادة الإسلام ، تردُّ فيهم فضولَ صدقاتهم . قال : نعم ، يا غلام اكتب بأن
تُردّ فيهم فضول صدقاتهم . هل من حاجة غيرها ياأبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛
أهل الثغور يَرُدّون من ورائكم ، ويقاتلون عدوّكم ، تُجْري لهم أرزاقاً تدرّها عليهم ؛ فإنهم إن
هلكوا ضاعت الثغور . قال : نعم ، يا غلام ؛ اكتب بحمل أرزاقهم إليهم . هل من حاجة غيرها يا
أبا محمد ؟ قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ؛ أهل ذمتكم لا يُكَلَّفون مالا يطيقون ؛ فإن ما تَجْبونه
منهم معونةٌ لكم على عدوكم . قال : نعم ، يا غلام ؛ اكتب لأهل الذمة بألا يكلَّفوا مالا يطيقون !
هل من حاجة غيرها ياأبا محمد ؟ قال : نعم ، اتَّقِ الله في نفسك ؛ فإنك خُلِقْتَ وحدك ، وتموت
وحدك ، وتُحْشَر وحدك ، وتحاسَب وحدك ، ولا والله ما معك ممن ترى أحدٌ !
فأكبَّ هشام يَنْكُت في الأرض ، وهو يبكي ؛ فقام عطاء .
فلما كنا عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس لا أدري ما فيه ؛ فقال : إن أمير المؤمنين أمر لك
بهذا . فقال : لا أسألكم عليه أجراً إنْ أجري َ إلا على رب ِّ العالمين ، فوالله ما شرب عنده قطرة