مشعل الشريهي
01-19-2010, 08:15 AM
القفاز
عبدالله الناصر
قال صديقي بحزن وأسى هل شاهدت مباراة الملاكمة ليلة البارحة..؟ قلت لا لم أشاهدها فأنا أكره الملاكمة والمصارعة.. فتكفينا المصارعات والملاكمات السياسية التي تدك أفكارنا وعقولنا فكيف بملاكمة تدك الذوق والمشاعر الإنسانية؟! أنا مع الرياضة ولكنني لست مع العنف ؛ فالرياضة هي تهذيب وعلاج للعنف الاجتماعي والأخلاقي. قال: أنا لا أريد موعظة.. وكنت أتمنى أن تشاطرني جزءاً من الحزن الذي أشعر به تجاه هذا الملاكم الذي حُطم ليلة البارحة.. قلت لماذا تحزن ألم تر محطماً إلا هو؟.. ثم هذه هي الملاكمة إنها رياضة المجالدة فإما جالد وإما مجلود ولا شيء غير ذلك.. فإن انتصر فلن يضيف انتصاره شيئاً وان انهزم فلن تكون تلك نهاية العالم أو نهاية الهزائم.
قال أمرك غريب تأخذ الأمر بهذه البساطة والعالم ليلة البارحة كله ساهر يترقب.! وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كلها كانت تتابع، والجماهير في أنحاء العالم تتحلق أمام الشاشة لتشهد هذا الحدث العظيم.. وسائل الإعلام مستنفرة على جميع الأصعدة تعلل، وتحلل، وتخمن، وتراهن، تجري المقابلات وتسأل عن التوقعات وتصرف المبالغ الطائلة والملايين الهائلة.. ستون مليون دولار..!!
يا للمهزلة أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية مهددون بالجنون.. وملايين من البشر يموتون يومياً بسبب الأمراض الفتاكة وستون مليوناً ثمن قبضة ليس لها من وظيفة إلا لطم الوجوه بوحشية وقسوة..!!
حتى كرة القدم هذه اللعبة الممتعة تحولت في بعض البلدان المتخلفة من لعبة رياضية إلى ما يشبه الوثنية والقدسية!
إلى درجة أنه يُخيل إليك أن في قلب كل مشجع صنماً هو «النادي» فتراه ينافح ويناضل وينفق الليالي في اللجاجة والصخب والانفعال والقتال من أجله..!! أيعقل أن لهذا العالم ضميراً حياً وعقلاً متزامناً!!!
الواقع أن ضمير عالمنا اليوم ضمير معطوب وأن عقله عقل مختل.. عالم يسوده العنف بكل ألوانه وأشكاله.. مافيا سياسية، ومافيا حشيش، ومافيا سلام، ومافيا إعلام.. ومافيا تدير مافيا!!
أحلام منحطة، وعقول مستأجرة، وضمائر متعفنة.. بلدان تحتل، ومستعمرات تبنى، ومواطنون يشردون، ويرمون في العراء..، أطفال يدكون، وتدك عظامهم، وتنسف منازلهم فوق رؤوسهم، مدن وقرى تحاصر، بالجدران، والنيران، وبالتسييج وبالخنق والتجويع... وحقوق إنسان تتحدث عماً تشتهي وتريد، وتلتزم الصمت عما لا تريد، تفتح عيناً وتطبق الأخرى! كل ذلك حسب المزاج السياسي ووفق الهوى والرغبة التي لا علاقة بينها وبين الإنسان وحقوقه.!!
لم تعد هناك أخلاق تحمي الإنسان وتحفظه.. القوة هي أخلاق العصر الفاضلة. واليد التي تجيد اللطحم واللكم، هي دائماً اليد المنتصرة وصاحبة الغلبة!! ومن يملك القفاز الحديدي فإنه يمتلك الحق والعدل ولهذا فإن شعاره الدائم: الحق معي ما دام القفاز في يدي!!
عبدالله الناصر
قال صديقي بحزن وأسى هل شاهدت مباراة الملاكمة ليلة البارحة..؟ قلت لا لم أشاهدها فأنا أكره الملاكمة والمصارعة.. فتكفينا المصارعات والملاكمات السياسية التي تدك أفكارنا وعقولنا فكيف بملاكمة تدك الذوق والمشاعر الإنسانية؟! أنا مع الرياضة ولكنني لست مع العنف ؛ فالرياضة هي تهذيب وعلاج للعنف الاجتماعي والأخلاقي. قال: أنا لا أريد موعظة.. وكنت أتمنى أن تشاطرني جزءاً من الحزن الذي أشعر به تجاه هذا الملاكم الذي حُطم ليلة البارحة.. قلت لماذا تحزن ألم تر محطماً إلا هو؟.. ثم هذه هي الملاكمة إنها رياضة المجالدة فإما جالد وإما مجلود ولا شيء غير ذلك.. فإن انتصر فلن يضيف انتصاره شيئاً وان انهزم فلن تكون تلك نهاية العالم أو نهاية الهزائم.
قال أمرك غريب تأخذ الأمر بهذه البساطة والعالم ليلة البارحة كله ساهر يترقب.! وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كلها كانت تتابع، والجماهير في أنحاء العالم تتحلق أمام الشاشة لتشهد هذا الحدث العظيم.. وسائل الإعلام مستنفرة على جميع الأصعدة تعلل، وتحلل، وتخمن، وتراهن، تجري المقابلات وتسأل عن التوقعات وتصرف المبالغ الطائلة والملايين الهائلة.. ستون مليون دولار..!!
يا للمهزلة أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية مهددون بالجنون.. وملايين من البشر يموتون يومياً بسبب الأمراض الفتاكة وستون مليوناً ثمن قبضة ليس لها من وظيفة إلا لطم الوجوه بوحشية وقسوة..!!
حتى كرة القدم هذه اللعبة الممتعة تحولت في بعض البلدان المتخلفة من لعبة رياضية إلى ما يشبه الوثنية والقدسية!
إلى درجة أنه يُخيل إليك أن في قلب كل مشجع صنماً هو «النادي» فتراه ينافح ويناضل وينفق الليالي في اللجاجة والصخب والانفعال والقتال من أجله..!! أيعقل أن لهذا العالم ضميراً حياً وعقلاً متزامناً!!!
الواقع أن ضمير عالمنا اليوم ضمير معطوب وأن عقله عقل مختل.. عالم يسوده العنف بكل ألوانه وأشكاله.. مافيا سياسية، ومافيا حشيش، ومافيا سلام، ومافيا إعلام.. ومافيا تدير مافيا!!
أحلام منحطة، وعقول مستأجرة، وضمائر متعفنة.. بلدان تحتل، ومستعمرات تبنى، ومواطنون يشردون، ويرمون في العراء..، أطفال يدكون، وتدك عظامهم، وتنسف منازلهم فوق رؤوسهم، مدن وقرى تحاصر، بالجدران، والنيران، وبالتسييج وبالخنق والتجويع... وحقوق إنسان تتحدث عماً تشتهي وتريد، وتلتزم الصمت عما لا تريد، تفتح عيناً وتطبق الأخرى! كل ذلك حسب المزاج السياسي ووفق الهوى والرغبة التي لا علاقة بينها وبين الإنسان وحقوقه.!!
لم تعد هناك أخلاق تحمي الإنسان وتحفظه.. القوة هي أخلاق العصر الفاضلة. واليد التي تجيد اللطحم واللكم، هي دائماً اليد المنتصرة وصاحبة الغلبة!! ومن يملك القفاز الحديدي فإنه يمتلك الحق والعدل ولهذا فإن شعاره الدائم: الحق معي ما دام القفاز في يدي!!