![]() |
قراءآت في أوراق التأريخ ... معركة عين جالوت
"قِراءآت في أوراق التأريخ " ربما الكثير منا سمع بأسماء معارك شهيرة حدثت مجرياتها وغيّرت أموراً كثيرة في التاريخ ,, ولكن القليل منا من يعرف تفاصيل هذه المعارك ويعرف اخبارها وقادتها .. هنا في هذا القسم وتحت هذا المُسمّى ( قراءآت في أوراق التاريخ ) سنُسلط الضوء على ما تيسّر لنا من هذه المعارك الكبيرة قدر إستطاعتنا .. فعلينا الجهد وما توفيقنا الاّ بالله .. " معركة عين جــالوت " معركة عين جالوت وقعت في 3 سبتمبر 1260 م , الموافق 658 هـ و تعد من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ العالم الإسلامي , حيث انتصر فيها المسلمون المماليك انتصارا ساحقا على المغول , وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُهزمُ فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان , وقد أدّت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 1258 م , كما وأدت المعركة لتعزيز موقع دولة المماليك كأقوى دولة إسلامية في ذاك الوقت لمدة قرنين من الزمان أي إلى أن قامت الدولة العثمانية , وقد وقعت المعركة في منطقة تسمى عين جالوت عند مدينة بيسان ونابلس في غور الأردن بفلسطين . ما قبل المعركة : اجتاح المغول العالم الإسلامي في بدايات القرن السابع الهجري وكان من أول ما واجهوا في طريقهم دولة الخوارزميين في بلاد فارس وما وراء النهرين ( الهند والسند ) فاكتسحوها وخرّبوا فيها مُدناً وقتلوا خلقا كثيرا ، وكان الفعل مشابهاً تماماً لما فعلوا في الدولة العباسية وعاصمتها بغداد . انطلق بعدها المغول بجيش قوامه 120 ألف مقاتل نحو الشام بقيادة هولاكو معه حلفاؤه من أمراء جورجيا وأرمينيا , وابتدأوا بمدينة ميافارقين بديار بكر والتي كان يحكمها الكامل الأيوبي ، قاومت ميافارقين المغول مقاومة عنيفة حتى استسلم أهلها بعد نفاذ المؤن وعدم وصول الدعم من المسلمين. اتجه المغول بعدها لمدينة حلب فدخلوها بعد حصارها وعاثوا فيها فسادا ثم توجهوا نحو دمشق (في مارس 1260 م/658هـ) -وفي هذا الوقت- وصل بالبريد خبر موت الخاقان الأعظم للمغول منكوخان في قراقورم واستدعي أولاد وأحفاد جنكيز خان إلى مجلس الشورى المغولي (الكوريل تاي Kuriltai) لانتخاب الخان الأعظم الجديد للإمبراطورية , فرجع هولاكو (الذي هو أخو منكو خان) وأحد المؤهّلين للعرش بمعظم جيشه إلى فارس ، ليتابع أمور العاصمة المغولية ، و ترك في بلاد الشام جيشاً من المغول عدده يزيد على عشرين ألف جندي بقيادة أحد أبرز ضباطه واسمه كتبغا وهو قائد عسكري محنك من قبيلة النايمان التركية . دخل كتبغا دمشق في 1 مارس 1260 م/15 ربيع الأول 658 هـ وهرب حاكمها الناصر يوسف الأيوبي وأرسل يطلب النجدة من حكام مصر المماليك ,, فانطلق المغول بعد السيطرة على دمشق جنوبا في بلاد الشام حتى استولوا على بيت المقدس وغزة والكرك . كان يحكم دولة المماليك في ذاك الوقت المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك وهو صبي صغير، قام السلطان المظفر سيف الدين قطز " وهو من المماليك البحرية " بخلعه وإقناع بقية أمراء ووجهاء الدولة بأنه فعل ذلك للتجهيز والتوحد ضد الخطر المحدق بالدولة المملوكية بشكل خاص والمسلمين بشكل عام , وكان الوضع النفسي للمسلمين سيئا للغاية ولا سيما الخوف من التتار مستشريا في جميع طبقات المجتمع الإسلامي وقد أدرك قطز ذلك وعمل على رفع الروح المعنوية لدى المسلمين , استمال قطز منافسيه السياسيين في بلاد الشام وحاول ضمهم إلى صفوفه وكان ممن انضم معه القائد بيبرس البندقداري وهو ما سّمّى بـ ( الظاهر بيبرس ) الذي كان له دور كبير في قتال التتار فيما بعد. وقبل مغادرة هولاكو من بلاد الشام أرسل رسلا لسيف الدين قطز يحملون كتابا كان مما فيه :ـ مِن ملك الملوك شرقاً وغرباً "الخان الأعظم " باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء.. يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها ومن الأعمال ، إنا نحن جند الله في أرضه ، خلقنا من سخطه وسلّطنا على من حل به غضبه ، فلكم بجميع البلاد معتَبَر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم ، وأسلِموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ.. وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد وقتلنا معظم العباد ، فعليكم بالهرب وعلينا الطلب... فأي أرض تأويكم ؟؟ وأي طريق تنجيكم ؟؟ وأي بلاد تحميكم ؟؟ فما لكم من سيوفنا خلاص ، ولا من مهابتنا مناص ، فخيولنا سوابق ، وسهامنا خوارق ، وسيوفنا صواعق ، وقلوبنا كالجبال ، وعددنا كالرمال ، فالحصون لدينا لا تمنَع ، والعساكر لقتالنا لا تنفع ، ودعاؤكم علينا لا يُسمع.. فمن طلب حربنا ندم ، ومن قصد أماننا سلم ، فإن أنتم لشرطنا ولأمرنا أطعتم ، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا ، وإن خالفتم هلكتم... فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم ، فقد حذر من أنذر.. فلا تطيلوا الخطاب ، وأسرعوا برد الجواب قبل أن تضرب الحرب نارها ، وترمي نحوكم شرارها ، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزاً ولا كافياً ولا حرزاً ، وتدهون منا بأعظم داهية ، وتصبح بلادكم منكم خالية ، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم ، وأيقظناكم إذ حذّرناكم ، فما بقي لنا مقصد سواكم . وعند وصول الرسالة عقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها كان من بينهم العز بن عبدالسلام وتم الاتفاق على التوجه لقتال التتر إذ لا مجال لمداهنتهم ، وكان العز بن عبدالسلام قد أمر أمراء ووجهاء الدولة أن يتقدموا بنفائس أملاكهم لدعم مسيرة الجيش الإسلامي فطلب قطز الأمراء وتكلم معهم في الرحيل فأبوا كلهم عليه وامتنعوا من الرحيل ، ولما وجد منهم هذا التخاذل والتهاون ألقى كلمته المأثورة « يا أمراء المسلمين ، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال ، وأنتم للغزاة كارهون ، وأنا متوجه ، فمن اختار الجهاد يصحبني ، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته ، فإن الله مطلع عليه ، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين » وقام سيف الدين قطز بقتل رسل التتر لإيصال رغبته في قتالهم وأنه جاد بذلك . و في 15 شعبان 658هـ/أغسطس 1260 م خرج سيف الدين قطز يسبقه القائد الظاهر بيبرس البندقداري ليكشف أخبار المغول , فواجهت سرية بيبرس طلائع جنود المغول في منطقة قرب غزة ، كان قائد المغول في غزة هو بايدر أخو كتبغا الذي أرسل له كتابا يعلمه فيه بتحرك المسلمين ، وأخذ بيبرس في مناوشة وقتال المغول حتى انتصر عليهم , واتجه بعدها قطز إلى غزة ومنها عن طريق الساحل إلى شمال فلسطين , في تلك الأثناء اجتمع كتبغا الذي كان في بعلبك مع وجهاء جيشه ليستشيرهم ، فأشار عليه البعض أن لا يمضي إلى قتال قطز حتى يعود سيده هولاكو خان ، ومنهم من أشار إليه " اعتمادا على قوة المغول التي لا تقهر" أن ينطلق لقتالهم , فاختار كتبغا أن يتجه لقتالهم فجمع جيشه وانطلق باتجاه الجيوش المصرية حتى لاقاهم في المكان الذي يعرف باسم عين جالوت. المعركة : التقى الفريقان في المكان المعروف باسم عين جالوت في فلسطين في 25 رمضان 658 هـ/3 سبتمبر 1260 م (وقت وصول الجيشين تماما مختلف فيه) وقام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة الظاهر بيبرس وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس . قامت مقدمة الجيش بقيادة الظاهر بيبرس بهجوم سريع ثم قامت بسحب الخيالة المغولية ، متظاهرة بانهزام مزيف هدفه سحب المغول إلى الكمين ، في حين كان سيف الدين قطز قد حشد استعدادا لهجوم مضاد كاسح ، ومعه قوات الخيالة الفرسان الكامنين حول الوادي . وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين ، وفي تلك الأثناء خرج سيف الدين قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا ولم يمض كثيرا من الوقت حتى هُزم الجيش المغولي واقتيد قائدهم كتبغا أسيرا إلى سيف الدين قطز فأمر بقتله. وسجل التاريخ في هذه المعركة تمكن فرسان الخيالة الثقيلة المماليك المسلمين من هزيمة نظرائهم المغول بشكل واضح في القتال القريب ، وذلك لم يُشهد لأحد غيرهم من قبل. ويعتبر المؤرخون هزيمة المغول في هذه المعركة " بالإضافة لهزيمتهم التالية في حربهم مع اليابانيين قرب جزيرة أيكي" هي بداية النهاية للأمبراطورية المنغولية. ما بعد المعركة : بعد المعركة قام ولاة المغول في الشام بالهرب ، فدخل سيف الدين قطز دمشق في 27 رمضان 658 هـ ، وبدأ في إعادة الأمن إلى نصابه في جميع المدن الشامية ، وتعيين ولاة لها , وفي طريق عودة الجيوش الإسلامية إلى مصر قام الظاهر بيبرس بالاحتيال على سيف الدين قطز فقتله وتولى هو حكم بلاد المماليك , وقام المماليك بطرد آخر الصليبيين من البلاد الإسلامية في عام 1291 م وكانت النتيجة النهائية لهذه المعركة هي توحيد مصر وبلاد الشام تحت حكم سلطان المماليك على مدى ما يزيد عن نحو مئتين وسبعين سنة حتى قام العثمانيون بالسيطرة على أراضيهم في عهد السلطان العثماني سليم الأول . المغول : يعد المؤرخون هذه المعركة ونتائجها بداية النهاية للإمبراطورية المغولية إذ لم يهزموا في معركة قط قبلها , كان بيركي ابن عم هولاكو خان قد أعلن إسلامه أيام الغزو المغولي لبلاد المسلمين وكان قد تأثر كثيرا لسقوط الدولة العباسية (دولة الخلافة الإسلامية) على يد ابن عمه وكان يتحين الفرصة للانتقام من هولاكو خان , فقام بيركي "بعد أن تحالف مع السلطان المملوكي الظاهر بيبرس" بتجهيز جيوشه (كان بيركي يحكم الأجزاء الجنوبية من الإمبراطورية المغولية وهولاكو يحكم الشمال) واتجه شمالا نحو هولاكو الذي عاد من بلاد الشام ، هُـزم هولاكو هزائم كبيرة من قبل جيوش بيركي ولم يتمكن من مقاومته , وتذكر بعض المصادر أن هولاكو أرسل جيوشا إلى بلاد الشام ليستعيدها إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل , دانت أغلب المناطق الشمالية من الإمبراطورية المغولية لبيركي واستمر خلفاؤه في حكم مناطق الدولة الشمالية لمدة تزيد عن الـ200 عاما. ملاحظات : الجيش المملوكي كان مُعظمه تركيا وشركسيا قيادة وجنودا من المماليك الذين اشتراهم سلاطين مصر و دُربوا على القتال في مصر، لم يكن هؤلاء الأتراك و الشركس وغيرهم من المماليك مهرة في شتى أصناف القتال فحسب بل كانوا على معرفة كبيرة بطرق قتال المغول وأسلحتهم المستخدمة في حروبهم , كان الجيش يتألف من الأقسام التالية : المماليك السلطانية : وكانوا من المماليك الذين جُـلب معظمهم من بلاد القبجاق والتي كانت سوقا كبيرا للرقيق. جند الحلقة: تتكون من محترفي الجندية من أولاد المماليك ، وقد عرفوا أيضا باسم أولاد الناس ، وهم كثرة الجيش وعامته في أثناء الحرب ؛ وهم أيضا أصحاب حرفٍ و صناعاتٍ في وقت السلم. مماليك الأمراء: شبيهون بالمماليك السلطانية ؛ غير أن مماليك الأمراء يتبعون أمراءهم . ولنا معكم عودة في معركة خالدة أخرى |
استاذي الفاضل عبدالله الزومان بارك الله بك على هذا الموضوع التاريخي وبانتظارك ان شاءالله |
عبدالله دائما مميز ماخليت لاهل التاريخ فرصه طرح رائع وممتع لحقبة زمنيه مليئه بالاضاءات وفقك الله |
هلا ومليوووووو ن هلا بندر الشايع تسلم والله على مرورك الكريم |
استاذي الدغيري كم يسعدني هذا المرور الذي يعطر صفحتي دائماً لك كل الشكر والتقدير |
سلمت يمينك اخي عبدالله.. ..
جهد مشكور .. ومعلومات مفيدة ودقيقة... تثري هذا المنتدى .. بارك الله فيك,, ورحم الله سيف الدين قطز وشهداء المسلمين.. |
هلا والله استاذي القدير وما انا الا طالب في قسم التاريخ عندك طال عمرك يشرفني ويسعدني مرورك الكريم |
موضوع شيق ومفيد ووافي من رجل وافي
ننتظر الجديد منك يا ابا عبدالعزيز |
لاهنت يابو زومان وفيت وكفيت ومعلومات عن معركة عين جالوت العظيمه في التاريخ الاسلامي القريب ,,,,, تقبل مروري مايكبرني لقب |
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
|
الساعة الآن 12:13 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas