هل فَقَدَ المسلمون السبب الذي سادَ به سَلفُهم؟
إذا فحَصْنا عن ذلك وجدنا أنَّ السبب الذي
استَقام به المسلمون سابقًا قد أصبح مفقودًا بلا نِزاع، وإنْ كان بقي
منه شيءٌ فكباقي الوشْم في ظاهر اليد، فلو كان الله وعَد المؤمنين
بالعزَّة بمجرَّد الاسم دُون الفعل لكان يحقُّ لنا
أنْ نقول: أين عزَّة المؤمنين من قوله تعالى: ﴿
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8].
ولو كان الله قد قال: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]؛
بمعنى: أنَّه ينصرهم بدون أدنى مزيَّة فيهم
سوى أنهم يُعلِنون كونهم مسلمين - لكان ثمَّة محلٌّ للتعجب
من هذا الخذلان بعد ذلك الوعد الصريح بالنصر.
ولكنَّ النصوص في القُرآن هي غير هذا، فالله غير مُخلِفٍ وعدَه،
والقرآن لم يتغيَّر، وإنما المسلمون هم الذين
تغيَّروا، والله تعالى أنذر بهذا فقال:
﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].
وإذا قُمنا بعمل (مقابلة بين حالي المسلمين والإفرنج اليوم) فسنجد أنَّ المسلمين
قد فقَدُوا الحماسة التي كانت
عند آبائهم، وقد تخلَّقَ بها أعداء الإسلام الذين لم يُوصِهم كتابهم
بهذا، فتجد أجنادَهم تتوارَدُ على حِياض المنايا
سِباقًا وتتلقَّى الأسنَّة والرماح عناقًا، فلقد فقَدُوا الغالي والنفيس،
وضحَّوا بأغلى ما عندهم، ألا وهي نفوسهم -
في سبيل نشْر دِينهم الباطل، أمَّا نحن فهل ينصرنا الله - عزَّ وجلَّ
- بدون عمل؟ بالطبع لا.
توأم العز
لك مني كل تقدير واحترام
|