قال إبراهيم بن ميمون : حججت في ايام الرشيد، فبينما أنا بمكة أجول في سككها اذا أنا بسوداء
قائمة ساهية ، فأنكرت حالها ، وققفت أنظر إليها ، فمكثت كذلك ساعة ثم قالت :
أعـمـرو عــلام تجنبـتـنـي = أخذت فؤادي فعذبتنـي !
فلو كنت يا عمرو خيرتني = أخذت حذاري فما نلتنـي
فدنوت منها ، فقلت : يا هذه ،من عمرو ؟ فارتاعت من قولي ، وقالت : زوجي . فقلت : وما
شأنه ؟ قالت : أخبرني أنه يهواني وما زال يعلق بي ويشكو شدة وجده حتى تزوجني ، فلبث
معي قليلا ، وكان له عندي من الحب مثل الذي كان لي عنده ، ثم مضى الى جدة ، وتركني
قلت : صفيه لي ، فقالت أحسن من تراه ، وهو أسمر حلو ظريف .
قلت : فخبريني ، أتحبين أن أجمع بينكما ؟ قالت : فكيف لي بذلك ! وظنتني أهزل بها .
فركبت راحلتي ، وصرت الى جدة فوقفت في المرقى أتبصر من يعمل في السفن ،وأصوت
ياعمرو! يا عمرو! فإذا به خارج من سفينة وعلى عنقه صن ، فعرفته بالصفة .
فقلت : << أعمرو ، علام تجنبتني ! >> فقال : هيه ! هيه ! رأيتها ، وسمعته منها ! ثم أطرق
هنيهة ، واندفع يغنيه ، فقلت : ألا ترجع ! فقال بأبي انت ! ومن لي بذلك ؟ ذلك والله أحب
الأشياء الي ، ولكن منع منه طلب المعاش . قلت : كم يكفيك كل سنة ؟ قال : ثلاث مئة درهم
،فأعطيته ثلاثة آلاف درهم ، وقلت :هذه لعشر سنين ، ورددته إليها ،وقلت له : اذا فنيت أو
قاربت الفناء قدمت على وأعطيتك ، وإلا وجهت إليك . وكان ذلك احب إلي من حجي .