![]() |
رقم المشاركة : ( 1 ) | |||
مشرفة المنتدى الآسلامي
![]() |
![]()
مزالق السعي وراء الكسب والرزق والمخرج من ذلك
طلب الرزق غريزةٌ عند كل الأحياء، فما إن تَبدوَ بوادرُ الصباح حتى يستعد الفلاحون والتجار، وأصحاب الصنائع والحرف، وأرباب الوظائف والإدارات، يستعدون للدخول في كدحٍ طويلٍ كي يحرز كلُّ امرئٍ منهم قوته وقوت عياله، وهذا الكدح الطويل والسعي الحثيث محكٌّ قاسٍ للأخلاق والمسالك، والثبات واليقين، والطمأنينة والرضى. إن إلحاح الرغبة في طلب الكفاف أو طلب الثراء مع وعورة الطريق، وطول المراحل والمنازل في هذه الحياة، وشعور المرء بالحاجة إلى ناصرٍ ومؤنسٍ مع ما قد يلاقي من أعداء ومتربصين؛ كل ذلك قد يدفع إلى اللؤم والذلة وسلوك المسالك الملتوية، ولكن دين الإسلام يأبى ثم يأبى أن يكون الكدح وراء الرزق مزلقةً لهذه الآثام كلِّها، وينهى ويكره أن يلجأ المسلم أبدًا إلى غشٍ أو ذل أو ضيم ليجتلب به ما يشاء من حطامٍ، وفي سدِّ هذا الطريق يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوا بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته)، إذًا ما هو المخرج؟ إنه التوكل على الله الذي هو قطع القلب عن العلائق، ورفض التعلق بالخلائق، وإعلان الافتقار إلى محوِّل الأحوال ومقدِّر الأقدار لا إله إلا هو، إنه صدق اعتماد القلب على الله -عز وجل- في استجلاب المصالح ودفع المضار ولا ينفع ذا الجد منه الجد. فليس التوكل بإهمال العواقب واطِّراح التحفظ، بل ذلك عند العقلاء والعلماء عجزٌ وتفريطٌ يستحق صاحبه التوبيخ والاستهجان، ولم يأمر الله بالتوكل إلا بعد التحرز واستفراغ الوسع فقال عز شأنه: {وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ} [آل عمران: 159]. إن العبد المؤمن ليجمع بين فعل الأسباب والاعتصام بالتوكل، فلا يجعل عجزه توكلًا، ولا توكله عجزًا، إن تعسر عليه شيء؛ فبتقدير الله وإن تيسر له شيء؛ فبتيسير الله. فمن كان بالله وصفاته أعلم وأعرف؛ كان توكله أصح وأقوى، ومن لم يكن كذلك؛ فهو يظن أن حظوظًا عمياء هي التي تقرر مصائر الحياة والأحياء. وإن من الجهل بالله وصفاته وضعف الإيمان بوعده ووعيده أن يتوقع أحدٌ الخذلان والضياع وهو مرتبط بربه معتمدٌ عليه، والله يقول: {أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْـلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَـادٍ * وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلّ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ}[الزمر:36-37]، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:49]، والمحروم لن يدرك مهما طلب، والمرزوق سوف يأتيه رزقه مهما قعد. للشيخ: صالح بن حميد -حفظه الله- (بتصرف) المصدر: شبكة مسلمات. |
|||
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|