الخيل والليل والبيداء تعرفني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تعودنا على سماع مقولة (من الحب ما قتل)، ولكن هناك من يقول «من الشعر ما

قتل» فعند سماعنا لهذه المقولة يتبادر الى الاذهان انه شعر غزل قتل معشوقه

او انه شعر هجاء نال المهجي ممن تعمد الى هجائية واقتص منه الذي تعمد الى

هجائه ومثل هذه الأحداث كثيرة في شعر الهجاء او انه تقليل في حق الآخرين

على حساب آخرين.

ولكن ان يكون هذا الشعر الذي قتل صاحبه من نوع الفخر بالنفس والتمجيد لا دون

غيرها وانه في المواقف لا يتورع من خوضها ولا يأبه بها ويضخم من حجمه

الشخصي ويضمن احيانا بالقسم الغليظ للتأكيد ويضع نفسه في غير موضوعها

احيانا مع احترامي الجميع ويؤخذ عليها ان كان مجربا ومعروفا هذا الشاعر من

مجتمعه ولكنه لا يأبه:

واليوم نرى العجب نسمع عن هذا النوع من الشعر ونجده يجتاح الساحة في

الآونة الأخيرة مع إيماننا التام بقول الله تعالى (يقولون ما لا يفعلون) ومع هذا فإن

الشاعر يضمن شعره بالاعتزاز بالنفس والرفع من شأنها وتقمص شخصية البطل

الذي لا يشق له غبار وتأخذ هذه القصائد البروز على شفاه بعض الشعراء، ولكي

نؤكد للقارئ ونربط الموضوع بحدث يبرهن القصد باثبات الشاعر لقوله وهو ما وقع

لأبي الطيب المتنبي: عندما اعترض له بالطريق ناس يغيوض له وفر منهم هاربا

وكان معه غلامه وعندما شاهده غلامه هاربا نادى عليه وقال له أليس انت من

قال:

الخيل والليل والبيداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم

عندها عاد على عقبه وقال: قتلتني يا غلام فنازعهم حتى قتل وأصبح قتيل

شعره، وهذا هو الشعر الذي يقتل صاحبه عندما يتفوه الشاعر به ويرفع من قدره

ثم يكون يوم الحسم ويوم الموقف يتنصل منه، انما كان شعره للمضاهاة والتملق

على الناس ويوم يكتشف تقل هيبة الشاعر ويفقد مصداقيته حتى من اقرب

الناس له ولابد ان نأخذ عبرا ودروسا من الحياة لا نسرح ارسنه الاسنة للكلام الذي

مردوده محسوب على قائله مهما كان الموقف، كما ان الواقعية في الشعر

مطلوبة حتى يكتسب بها الشاعر محبة الجمهور ويرتفع مؤشر شهرته واليوم لا

يخفى على الجميع هذا النوع من الشعر الذي اصبح يطغى على معظم القصائد.

ومن يتابع الساحة يرى العجب ويرى عدم التورع من قوله دون احترام للمستمع

حتى لو كان المستمع يعرف الشاعر عن كثب ويعرف مكانته الا انه لا يتردد عن

.