قصه مؤلمه ومبكيه من حائل

مشعل كان يتوضأ لصلاة الظهر في أحد المساجد على الطريق السريع بمدخل مدينة حائل ، سمع دوي الحادث فنطلق ليساعد في إنقاذ الجرحى

مر برجل كبير مسجى على الأرض بجانبه ابنه يلقنه الشهادة فلفظها مع أنفاسه الأخيرة ، هذا الذي توفاه الله للتو واللحظة كان عاملاً أفغانياً واقفاً ينتظر سيارة تقله مع ابنه لمدينة حائل التي تبعد 20 كم . فوافته المنية



مشعل أكمل طريقة للسيارة التي اخترقها السياج (العبارة) بعد أن صدمتها سيارة أخرى وخرجت عن الطريق فصدمت ذلك الأفغاني الذي توفي قبل قليل



مشعل نظر بداخل السيارة فوجد صديقه بدر مسجى على مقعد الراكب ورجله مقطوعة في مكان السائق ورجله لأخرى متعلقة بجسمه ، كان المنظر مذهلا لمشعل



صاح بدر بلهجة أهل حائل ... طلعن يا مشعل طلعن رجلي انقطعت .... ويغمى عليه



مشعل كان يحاول مع مجموعة من العمال بأدواتهم فتح السيارة ، في الجهة المقابلة كان ابن الأفغاني يجهش بالبكاء على أبيه ، وفي الخلف كان يرمقهم الرجل الذي تسبب في هذا الحادث كله




بدر سيرجع لأبنته روعة بدون أرجل ، وأم روعة سوف لن تأكل غداء ذالك اليوم !!




وصل الدفاع المدني وباختصار كانوا بقمة البرود والتهاون ، لعلهم تعودوا على منظر الأشلاء .



وصل الإسعاف ونقل بدر للمستشفى وأخذوا رجله بكيس حافظ ، بدر يقوم ويتألم فيغمى عليه ، يدخل للطوارئ ولم يتمكنوا الأطباء من إرجاع رجله ولا من معالجة الرجل الأخرى ...فليس غريباً ذلك في حائل فقبل أسبوع واحد فقط توفي أحد أبناء عمومته وأسمه ( سعود مبارك الحريري) فقط لأن دكتور الأوعية الدموية ذهب للعمرة ولا يوجد بديل له ، فقالو الأطباء يجب نقله للقصيم لأن الدكتور هناك لم يذهب إلى العمرة ولن يذهب إلا ببديل. فسلموا أهل سعود بالأمر الواقع الا أن أهل القصيم قالو أن سريراً لمريضكم لن يشغر حتى يموت .. وهذ ما حصل بالفعل .... سعود ودفن أبان الطواف والسعي ، وعندما كان الوزير الربيعة يستعد لالتقاط الصور بمناسبة محاضرته عن خبرته في فصل توائم العالم .



بعد ست ساعات من الحادث ... وبعد سبع ساعات من الحصة الأخيرة لبدر ... بدر استقرت حالته في العناية المركزة وأتوه الزوار .. الزوار هم نفسهم الذين عزوه بفقد أمه قبل أسبوع والتي توفيت بسبب إهمال طبي وهم كذلك الذين واسوه بفقد أخته قبل أسبوعين بسبب إهمال طبي كذلك . الله يرحمهن ويسكنهن جنات النعيم ، ليتهن كانتا قصيميات على الأقل وجدوا لهن أسره .



يآل مصابهم هذه العائلة كان الله بعونهم ، ذنبهم فقط أنهم مواطنون سعوديون يسكنون الشمال الكئيب ، ليتها الأردن كانت قريبة من حائل .. ليت الأسرة كانت تشترى بالمال .



بدر يبتسم رغم الألم مع الزوار وزوجته تخفي الدموع وأبنته روعة لا تعلم ما الخطب ، خالد أخوه الكبير وعده أنه سيطوف به العالم ليجد له أقداما يمشي بها وعكازا يستند به لأنه يعرف أنه بالشمال . تعرفون ماذا أعني بالشمال .. الشمال هو أن ترى من تحب تفيض روحة بين أيدي الأطباء ، الشمال هو أن ترى الحادث تلو الآخر بنفس المكان لمدة عشرين سنة ولا يتحرك ساكن . الشمال هو أن يؤخذ من مستشفاك الطبيب الناجح للرياض لتعرف أنك لست بشراً . وأن من في الرياض هم من يستحق أن يعيش .



خرج الزوار من المستشفى وبقي خالد إلى الساعة الثانية عشر والنصف في المستشفى وكانت حالة بدر مستقرة فهو بين أيدي أفضل الأطباء وأحدث الأجهزة بالشرق الأوسط .



في الصباح أتصل شخص من مستشفى الملك خالد بحائل ليخبر خالد بأن بدر توفي البارحة ..ويجب أن يفسحوا مكانا في ثلاجة الموتى !!



مواطن سعودي عادي يسكن في الشمال يموت كل يوم مثله بالعشرات ما العجب ؟ فهذه قصة عادية .. فقط على أم روعة أن تكون أرملة وروعة يتيمة الأب وقريبا يتيمة الأم والأب ما المانع في ذلك .



أجا في مكانه وسلمى تخايله وبينهما مقبرة صديان تقول هل من مزيد ؟



سوف لن يحضر الأمير سعود للعزاء فهم كثر من يموتون ، وسوف لن يتم أصلاح تقاطع (مزاجي) فالسنتلي أمن أهل الشمال . وسيذهب الحارثي لمكتبه مثل كل صباح في الشؤون الصحية يحتسي القهوة ويتصفح جريدة الرياض .



رحمك الله يا بدر وأسكنك فسيح جناته .. فأنتم السابقون ونحن اللاحقون ..



لا تخف لن تبكيك أمك ولا أختك فهن بجوارك .. ولن يحمل أسمك ولد .. وهذه روعة تلعب بدراجتها التي اشتريتها أنت لها ، لا تدري ما سبب كل هذا الصياح ولا تدري لم الناس كثر في بيتكم ولكنها ستتعود على ذلك ، فأنتم في عزاء منذ شهر.. إلا أنها في هذه المرة لم تشاهدك . قالوا لها أنك مسافر .. هم صادقون في ذلك ولكنها لازالت تنتظر ..



لا تخف على طلابك فمدير المدرسة - الذي يجلس بمكتبه وخلفه صورة ملك الإنسانية - أوكل مهمة الاختبارات لزميلك الذي ينتظر حتفه هو الآخر . .



بدر رحمك الله .. فنحن مشغولين بدفن أبناءنا الآخرين ..