ابو النوري
02-27-2009, 07:14 PM
رحل الحجاج إلى عبد الملك بن مروان ومعه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فلما قدم على عبد
الملك سلّم عليه بالخلافة ، وقال : قدمتُ عليك يا أمير المؤمنين برَجُل الحجاز في الشَّرف
والأبوَّة ، وكمال المروءة والأدب ، وحسنِ المذهب والطاعة ، والنصيحة مع القرابة ، وهو
إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فافعلْ به يا أمير المؤمنين ما يستحقُّه مثلُه في أبوّته وشرفه .
فقال عبد الملك : يا أبا محمد ؛ قد أذكرتنا حقّاً واجباً ، ائذنوا لإبراهيم !
فلما دخل وسلّم بالخلافة أمره بالجلوس في صدْر المجلس ، وقال له : إن أبا محمد ذكّرنا ما لم
نَزَلْ نعرفه منك من الأبوّة والشرف ، فلا تدعْ حاجةً في خاصّة أمرك وعامّته إلا سألتها .
فقال إبراهيم : أما الحوائج التي نبتغي بها الزُّلْفَى ، ونرجو بها الثواب ، فما كان خالصاً لله
ولنبيِّه .
ولكنْ لك يا أمير المؤمنين عندي نصيحةٌ ، لا أجدُ بُدَّاً من ذكري إياها ! قال : أهي دون أبي
محمد ؟ قال : نعم . قال : قم يا حجَّاج .
فنهض الحجاج خجِلاً لا يُبْصِر أين يضع رِجله .
ثم قال له عبد الملك : قل يا بْنَ طلحة قال : تالله يا أمير المؤمنين ، إنك عمدتَ إلى الحجاج ،
في ظلمه وتعدّيه على الحق ، وإصغائه إلى الباطل ، فولّيته الحرمين ، وفيهما مَن فيهما من
أصحاب رسول الله ، وأبناء المهاجرين والأنصار ، يَسومهم الخسْفَ ، ويطَؤُهم بطَغَام أهل الشام
، ومن لا رأي له في إقامة الحق ، ولا إزاحة الباطل .
فأطرق عبد الملك ساعةً ، ثم رفع رأسه ، وقال : كذبتَ يا طلحة ، ظن فيك الحجاج غيرَ ما هو
فيك ! قُم فربما ظُنِّ الخير بغير أهله !
قال ابن طلحة : فقمتُ وأنا ما أُبصر طريقاً ، وأتبعني حرسِيَّاً ، وقال له : اشددْ يدك به . فما زلتُ
جالساً حتى دعا الحجاج .
فما زالا يتناجيان طويلاً ، حتى ساء ظني ، ولا أشكُّ أنه في أمري ، ثم دعا بي ، فلقيَني الحجاج
في الصّحن خارجاً ، فقبّل ما بين عينيّ ، وقال : أحسنَ الله جزاءك ! فقلتُ في نفسي : إنه يهزأُ
بي . ودخلتُ على عبد الملك ، فأجلسني مجلسي الأول ، ثم قال : يابنَ طلحة ، هل اطّلعَ على
نصيحتك أحد ؟ فقلت : لا والله يا أمير المؤمنين ، ولا أردتُ إلا الله ورسوله والمسلمين ، وأمير
المؤمنين يعلمُ ذلك .
فقال عبد الملك : قد عزلتُ الحجاج عن الحرمين لما كرهتَه فيه ، وأعلمتُه أنك استقللْت ذلك
عليه وسألتني له ولايةً كبيرة ، وقد ولّيته العراقين ، وقررْتُ أن ذلك بسؤالك ، ليلزمه من حقك
مالا بدّ من القيام به ، فاخرج معه غيرَ ذامٍّ لصحبته .
الملك سلّم عليه بالخلافة ، وقال : قدمتُ عليك يا أمير المؤمنين برَجُل الحجاز في الشَّرف
والأبوَّة ، وكمال المروءة والأدب ، وحسنِ المذهب والطاعة ، والنصيحة مع القرابة ، وهو
إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فافعلْ به يا أمير المؤمنين ما يستحقُّه مثلُه في أبوّته وشرفه .
فقال عبد الملك : يا أبا محمد ؛ قد أذكرتنا حقّاً واجباً ، ائذنوا لإبراهيم !
فلما دخل وسلّم بالخلافة أمره بالجلوس في صدْر المجلس ، وقال له : إن أبا محمد ذكّرنا ما لم
نَزَلْ نعرفه منك من الأبوّة والشرف ، فلا تدعْ حاجةً في خاصّة أمرك وعامّته إلا سألتها .
فقال إبراهيم : أما الحوائج التي نبتغي بها الزُّلْفَى ، ونرجو بها الثواب ، فما كان خالصاً لله
ولنبيِّه .
ولكنْ لك يا أمير المؤمنين عندي نصيحةٌ ، لا أجدُ بُدَّاً من ذكري إياها ! قال : أهي دون أبي
محمد ؟ قال : نعم . قال : قم يا حجَّاج .
فنهض الحجاج خجِلاً لا يُبْصِر أين يضع رِجله .
ثم قال له عبد الملك : قل يا بْنَ طلحة قال : تالله يا أمير المؤمنين ، إنك عمدتَ إلى الحجاج ،
في ظلمه وتعدّيه على الحق ، وإصغائه إلى الباطل ، فولّيته الحرمين ، وفيهما مَن فيهما من
أصحاب رسول الله ، وأبناء المهاجرين والأنصار ، يَسومهم الخسْفَ ، ويطَؤُهم بطَغَام أهل الشام
، ومن لا رأي له في إقامة الحق ، ولا إزاحة الباطل .
فأطرق عبد الملك ساعةً ، ثم رفع رأسه ، وقال : كذبتَ يا طلحة ، ظن فيك الحجاج غيرَ ما هو
فيك ! قُم فربما ظُنِّ الخير بغير أهله !
قال ابن طلحة : فقمتُ وأنا ما أُبصر طريقاً ، وأتبعني حرسِيَّاً ، وقال له : اشددْ يدك به . فما زلتُ
جالساً حتى دعا الحجاج .
فما زالا يتناجيان طويلاً ، حتى ساء ظني ، ولا أشكُّ أنه في أمري ، ثم دعا بي ، فلقيَني الحجاج
في الصّحن خارجاً ، فقبّل ما بين عينيّ ، وقال : أحسنَ الله جزاءك ! فقلتُ في نفسي : إنه يهزأُ
بي . ودخلتُ على عبد الملك ، فأجلسني مجلسي الأول ، ثم قال : يابنَ طلحة ، هل اطّلعَ على
نصيحتك أحد ؟ فقلت : لا والله يا أمير المؤمنين ، ولا أردتُ إلا الله ورسوله والمسلمين ، وأمير
المؤمنين يعلمُ ذلك .
فقال عبد الملك : قد عزلتُ الحجاج عن الحرمين لما كرهتَه فيه ، وأعلمتُه أنك استقللْت ذلك
عليه وسألتني له ولايةً كبيرة ، وقد ولّيته العراقين ، وقررْتُ أن ذلك بسؤالك ، ليلزمه من حقك
مالا بدّ من القيام به ، فاخرج معه غيرَ ذامٍّ لصحبته .