ابو النوري
03-01-2009, 06:36 PM
قال الشرقي بن القطامي :
خرجت من الموصل أريد الرقة ؛ فصحبني فتى من أهل الجزيرة ، وذكر أنه من ولد عمرو بن كلثوم ، ومعه مزود وركوة وعصا ، ورأيته لا يفارقها ؛ مشاة كنا أو ركبانا ؛ وهو يقول ، إن الله جعل جماع أمر موسى ، وأعاجيبه وبراهينه ومآربه في عصاه ؛ وجعل يكثر من هذا وأنا أضحك متهاونا بما يقول .
فتخلف المكاري ؛ فكان حمار الفتى إذا وقف أكرهه بالعصا ، ويقف حماري ، ولا شيء في يدي ؛ فيسبقني إلى المنزل فيستريح ويريح ، ولا أقدر على البراح حتى يوافيني المكاري . فقلت : هذه واحدة ؟
ثم خرجنا من غد مشاة ؛ فكان إذا أعيا توكأ على العصا ، واعتمد عليها ، ومر كأنه سهم زالج ، حتى انتهينا ، وقد تفسخت من الكلال ( التعب ) ، وإذا فيه فضل كثير ؛ فقلت وهذه أخرى !
فلما كان في اليوم الثالث هجمنا على حية منكرة ؛ فسارت إلينا فأسلمته إليها ، وهربت منها ، فضربها بالعصا ، فقلت : هذه ثالثة ؟
وخرجنا في اليوم الرابع ، وبنا قرم الى اللحم ( شهوة الى اللحم ) ، فعترضتنا أرنب ، فحذفها بالعصا ، وأدركنا ذكاتها ، فقلت هذه رابعة !
فأقبلت عليه ؛ فقلت : لو عندنا نارا ما أخرت أكلها إلى المنزل فأخرج عويدا من مزوده ثم حكه بالعصا ؛ فأورت إيراء المرخ والعفار ( شجر شديد الورى ) ، ثم جمع ما قدر عليه من الغثاء والحشيش ، وأوقد نارا ، وألقى الأرنب في جوفها ، فأخرجناها ، وقد لزق بها من الرماد والتراب ما بغضها إلي ، فعلقها بيده اليسرى ، ثم ضرب جنوبها بالعصا ضربا رقيقا ، حتى انتثر
كل شيء عليها ، فأكلناها ، وسكن القرم ، وطابت النفس ؛ فقلت : هذه خامسة !
ثم نزلنا بعض الخانات ، وإذا البيوتات مملوءة رؤثا وترابا ؛ فلم نجد موضعا نظل فيه ، فنظر إلى حديدة مطروحة في الدار ، فجعل العصا نصابا لها ، ثم قام فجرف ذلك الروث والتراب ، وجرد الأرض ، حتى أظهر بياضها ، وطابت ريحها ، فقلت : وهذه سادسة !
ثم نزع العصا من الحديدة فأوتدها في الحائط ، وعلق عليها ثيابيه وثيابي ، فقلت : هذه سابعة !
فلما صرنا إلى مفرق الطريقين وردت مفارقته ، قال لي : لو عدلت معي فبت عندي ! فعدلت معه ، فأدخلني منزلا يتصل ببيعة ( كنيسة ) ، فما زال يحدثني ويطرفني الليل كله ، فلما كان السحر أخذ العصا بعينها ، وأخذ خشبة أخرى فقرع بها العصا ؛ فإذا ناقوس ليس في الدنيا مثله ، وإذا هو أحذق الناس به ، فقلت له : ويحك ! أما أنت مسلم ! قال : بلى . قلت : فلما تضرب الناقوس ؟ قال : لأن أبي نصراني ، شيخ كبير ضعيف وأنا أبره .
فإذا هو شيطان مارد ، من أظرف الناس ، وأكثرهم أدبا ؛ فخبرته بالذي أحصيت من خصال العصا ، فقال : والله لو حدثتك عن مناقب العصا ليلة إلى الصباح ما استنفدتها .
خرجت من الموصل أريد الرقة ؛ فصحبني فتى من أهل الجزيرة ، وذكر أنه من ولد عمرو بن كلثوم ، ومعه مزود وركوة وعصا ، ورأيته لا يفارقها ؛ مشاة كنا أو ركبانا ؛ وهو يقول ، إن الله جعل جماع أمر موسى ، وأعاجيبه وبراهينه ومآربه في عصاه ؛ وجعل يكثر من هذا وأنا أضحك متهاونا بما يقول .
فتخلف المكاري ؛ فكان حمار الفتى إذا وقف أكرهه بالعصا ، ويقف حماري ، ولا شيء في يدي ؛ فيسبقني إلى المنزل فيستريح ويريح ، ولا أقدر على البراح حتى يوافيني المكاري . فقلت : هذه واحدة ؟
ثم خرجنا من غد مشاة ؛ فكان إذا أعيا توكأ على العصا ، واعتمد عليها ، ومر كأنه سهم زالج ، حتى انتهينا ، وقد تفسخت من الكلال ( التعب ) ، وإذا فيه فضل كثير ؛ فقلت وهذه أخرى !
فلما كان في اليوم الثالث هجمنا على حية منكرة ؛ فسارت إلينا فأسلمته إليها ، وهربت منها ، فضربها بالعصا ، فقلت : هذه ثالثة ؟
وخرجنا في اليوم الرابع ، وبنا قرم الى اللحم ( شهوة الى اللحم ) ، فعترضتنا أرنب ، فحذفها بالعصا ، وأدركنا ذكاتها ، فقلت هذه رابعة !
فأقبلت عليه ؛ فقلت : لو عندنا نارا ما أخرت أكلها إلى المنزل فأخرج عويدا من مزوده ثم حكه بالعصا ؛ فأورت إيراء المرخ والعفار ( شجر شديد الورى ) ، ثم جمع ما قدر عليه من الغثاء والحشيش ، وأوقد نارا ، وألقى الأرنب في جوفها ، فأخرجناها ، وقد لزق بها من الرماد والتراب ما بغضها إلي ، فعلقها بيده اليسرى ، ثم ضرب جنوبها بالعصا ضربا رقيقا ، حتى انتثر
كل شيء عليها ، فأكلناها ، وسكن القرم ، وطابت النفس ؛ فقلت : هذه خامسة !
ثم نزلنا بعض الخانات ، وإذا البيوتات مملوءة رؤثا وترابا ؛ فلم نجد موضعا نظل فيه ، فنظر إلى حديدة مطروحة في الدار ، فجعل العصا نصابا لها ، ثم قام فجرف ذلك الروث والتراب ، وجرد الأرض ، حتى أظهر بياضها ، وطابت ريحها ، فقلت : وهذه سادسة !
ثم نزع العصا من الحديدة فأوتدها في الحائط ، وعلق عليها ثيابيه وثيابي ، فقلت : هذه سابعة !
فلما صرنا إلى مفرق الطريقين وردت مفارقته ، قال لي : لو عدلت معي فبت عندي ! فعدلت معه ، فأدخلني منزلا يتصل ببيعة ( كنيسة ) ، فما زال يحدثني ويطرفني الليل كله ، فلما كان السحر أخذ العصا بعينها ، وأخذ خشبة أخرى فقرع بها العصا ؛ فإذا ناقوس ليس في الدنيا مثله ، وإذا هو أحذق الناس به ، فقلت له : ويحك ! أما أنت مسلم ! قال : بلى . قلت : فلما تضرب الناقوس ؟ قال : لأن أبي نصراني ، شيخ كبير ضعيف وأنا أبره .
فإذا هو شيطان مارد ، من أظرف الناس ، وأكثرهم أدبا ؛ فخبرته بالذي أحصيت من خصال العصا ، فقال : والله لو حدثتك عن مناقب العصا ليلة إلى الصباح ما استنفدتها .