رذاذ المطر
02-17-2012, 03:17 PM
| بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
وعلى آله وصحبه والتابعين
،
يستطيع المؤمن أن يجعل لكل ثانية من عمره ثوابا وأجرا ،
وأن يجعل كل عمل من أعماله فضيلة وبرا ، إذا احتسب ذلك عند الله جل وعلا ،
فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في
المدينة ، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- ، قال :
فتوجعنا له ، فقلت له : يا فلان لو أنك اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء ويقيك من
هوام الأرض ، قال : أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد -- صلى الله عليه
وسلم -- ، قال : فحملت به حملا حتى أتيت النبي -- صلى الله عليه وسلم --
فأخبرته ، قال فدعاه ، فقال له مثل ذلك وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر ، فقال له
النبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ( إن لك ما احتسبت ) رواه مسلم ، أي لك أجر ما احتسبت.
هذا الحديث العظيم جامع في باب الاحتساب ،
دال على أن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته .
والمقصود بالاحتساب هو احتساب الأجر من الله تعالى عند القيام بعمل الطاعات أو
العادات المباحة ، فإذا استحضر الإنسان ذلك فإنه سيدفع عن نفسه خواطر السوء من
السمعة والرياء وطلب المدح والثناء من الناس ، إلى غير ذلك من الآفات التي تحبط
العمل أو تنقص الأجر ، وكذلك تجعله يصبر على البلايا والمكاره عند وقوعها ويطلب
الأجر من الله تعالى على ذلك.
صنوف الاحتساب
من صنوف الاحتساب وأنواعه ما يلي :
1 -- الصبر على المصيبة وتحمل البلاء : يتحصل العبد المؤمن على أجور عظيمة إذا
صبر عند نزول البلاء به ، يقول الله تعالى : { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } (البقرة : 156-157) ،
أي أن ذلك فعل المحتسبين الصابرين ، وقد روى البخاري في صحيحه أن ابنة النبي -- صلى الله عليه وسلم --
أرسلت إليه تخبره أن ابنا لها قبض ، فأرسل لها يقرئها السلام ويقول لها :
( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب ) ،
وذلك حتى تحصل على أجر الصابرين .
2 -- إتقان العبادة وإجادتها : إذا استشعر المرء مراقبة الله جل وعلا فإن ذلك سيدفعه إلى الإحسان
والقيام بالعبادة على أحسن وجه ، ومن ذلك أن يسبغ الوضوء على المكاره ، وأن يمشي
في الظلم إلى المساجد ، روى مسلم في صحيحه أن النبي -- صلى الله عليه وسلم --
قال : ( إذا توضأ العبد المؤمن أو المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر
إليها بعينيه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل
خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- ، فإذا غسل رجليه
خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- حتى يخرج
نقيا من الذنوب ) ، وإنما يحصل له ذلك ب استحضار النية واحتساب الأجر ،
ومثله أيضا قوله -- صلى الله عليه وسلم -- : ( من دعا إلى هدى كان له من
الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ) رواه أحمد ، وفيه أعظم
حافز لكل داعية إلى الله جل وعلا أن يخلص في دعوته ويحرص على هداية الناس للخير ، ويحتسب ذلك عند الله .
3 -- فعل أو ترك المباح بنية القربة : يؤجر المرء على ما يفعله من المباحات إذا
احتسب ذلك عند الله تعالى ، روى البخاري في صحيحه أن معاذ بن جبل و أبا موسى
الأشعري رضي الله عنهما تذاكرا قيام الليل ، فقال أحدهما : "أما أنا فأقوم وأنام وأرجو في
نومتي ما أرجو في قومتي "أي أنه يحتسب الأجر في نومه لكي يتقوى به على طاعة الله جل وعلا ،
وروى الإمام أبو داود في سننه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- يقول : ( إن الله عز وجل يدخل
بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة ، صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ، ومنبله ) ،
وحين قال الصحابة للنبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ( أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ،
قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم ،
وأما ترك المباح من الشهوات ( الطعام والشراب ونحوهما ) فقد قيل للإمام أحمد :
"يؤجر الرجل في ترك الشهوات قال : كيف لا يؤجر و ابن عمر يقول : ما شبعت منذ ثلاثة أشهر ".
4 -- اجتناب المعاصي والآثام : إذا ترك العبد المعصية امتثالا لأمر الله وخوفا من عقابه فإنه يؤجر على نيته ،
روى مسلم في صحيحه أن الملائكة قالت : رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة -- وهو أبصر به -- ،
فقال : ( ارقبوه ، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، فإنما تركها من جراي ) أي تركها من أجلي .
ثمرات الاحتساب
الاحتساب يعزز الإخلاص لله تعالى ويورث محبته ، ويحول العادات إلى عبادات ، كما
أنه يمنع تحول العبادات إلى عادات ، ويدعوا إلى الصبر والتصبر ، ويهون المشاق
ويلذذ المكاره ، ويدفع الحزن ويجعل العبد راضيا بقضاء الله محسنا الظن به سبحانه وتعالى .
ومن الأسباب التي تدفع المرء للاحتساب : علمه بأجور العمل ، وحرصه على مضاعفة
الأجر ، فالاحتساب تجارة المخلصين ، وكلما علم العبد أجر العمل زاد احتسابه للعمل ،
كما أن الاحتساب يكسب محبة الله تعالى ، وكلما استشعر العبد محبة الله له في العبادة
زاد من احتسابه لها وأدائها على الوجه الأكمل .
وإذا كانت رغبة المرء صادقة ولديه إرادة جازمة في اتخاذ الأسباب الدافعة للاحتساب ،
فإن الله جل وعلا يوفقه لذلك ، قال تعالى : { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد
ثواب الآخرة نؤته منها } (آل عمران : 145) ، ووقال تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى
لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } (الإسراء : 19) .
المصدر : إسلام ويب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
وعلى آله وصحبه والتابعين
،
يستطيع المؤمن أن يجعل لكل ثانية من عمره ثوابا وأجرا ،
وأن يجعل كل عمل من أعماله فضيلة وبرا ، إذا احتسب ذلك عند الله جل وعلا ،
فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في
المدينة ، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- ، قال :
فتوجعنا له ، فقلت له : يا فلان لو أنك اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء ويقيك من
هوام الأرض ، قال : أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد -- صلى الله عليه
وسلم -- ، قال : فحملت به حملا حتى أتيت النبي -- صلى الله عليه وسلم --
فأخبرته ، قال فدعاه ، فقال له مثل ذلك وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر ، فقال له
النبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ( إن لك ما احتسبت ) رواه مسلم ، أي لك أجر ما احتسبت.
هذا الحديث العظيم جامع في باب الاحتساب ،
دال على أن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته .
والمقصود بالاحتساب هو احتساب الأجر من الله تعالى عند القيام بعمل الطاعات أو
العادات المباحة ، فإذا استحضر الإنسان ذلك فإنه سيدفع عن نفسه خواطر السوء من
السمعة والرياء وطلب المدح والثناء من الناس ، إلى غير ذلك من الآفات التي تحبط
العمل أو تنقص الأجر ، وكذلك تجعله يصبر على البلايا والمكاره عند وقوعها ويطلب
الأجر من الله تعالى على ذلك.
صنوف الاحتساب
من صنوف الاحتساب وأنواعه ما يلي :
1 -- الصبر على المصيبة وتحمل البلاء : يتحصل العبد المؤمن على أجور عظيمة إذا
صبر عند نزول البلاء به ، يقول الله تعالى : { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } (البقرة : 156-157) ،
أي أن ذلك فعل المحتسبين الصابرين ، وقد روى البخاري في صحيحه أن ابنة النبي -- صلى الله عليه وسلم --
أرسلت إليه تخبره أن ابنا لها قبض ، فأرسل لها يقرئها السلام ويقول لها :
( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب ) ،
وذلك حتى تحصل على أجر الصابرين .
2 -- إتقان العبادة وإجادتها : إذا استشعر المرء مراقبة الله جل وعلا فإن ذلك سيدفعه إلى الإحسان
والقيام بالعبادة على أحسن وجه ، ومن ذلك أن يسبغ الوضوء على المكاره ، وأن يمشي
في الظلم إلى المساجد ، روى مسلم في صحيحه أن النبي -- صلى الله عليه وسلم --
قال : ( إذا توضأ العبد المؤمن أو المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر
إليها بعينيه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل
خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- ، فإذا غسل رجليه
خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء -- أو مع آخر قطر الماء -- حتى يخرج
نقيا من الذنوب ) ، وإنما يحصل له ذلك ب استحضار النية واحتساب الأجر ،
ومثله أيضا قوله -- صلى الله عليه وسلم -- : ( من دعا إلى هدى كان له من
الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ) رواه أحمد ، وفيه أعظم
حافز لكل داعية إلى الله جل وعلا أن يخلص في دعوته ويحرص على هداية الناس للخير ، ويحتسب ذلك عند الله .
3 -- فعل أو ترك المباح بنية القربة : يؤجر المرء على ما يفعله من المباحات إذا
احتسب ذلك عند الله تعالى ، روى البخاري في صحيحه أن معاذ بن جبل و أبا موسى
الأشعري رضي الله عنهما تذاكرا قيام الليل ، فقال أحدهما : "أما أنا فأقوم وأنام وأرجو في
نومتي ما أرجو في قومتي "أي أنه يحتسب الأجر في نومه لكي يتقوى به على طاعة الله جل وعلا ،
وروى الإمام أبو داود في سننه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله -- صلى الله عليه وسلم -- يقول : ( إن الله عز وجل يدخل
بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة ، صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ، ومنبله ) ،
وحين قال الصحابة للنبي -- صلى الله عليه وسلم -- : ( أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ،
قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم ،
وأما ترك المباح من الشهوات ( الطعام والشراب ونحوهما ) فقد قيل للإمام أحمد :
"يؤجر الرجل في ترك الشهوات قال : كيف لا يؤجر و ابن عمر يقول : ما شبعت منذ ثلاثة أشهر ".
4 -- اجتناب المعاصي والآثام : إذا ترك العبد المعصية امتثالا لأمر الله وخوفا من عقابه فإنه يؤجر على نيته ،
روى مسلم في صحيحه أن الملائكة قالت : رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة -- وهو أبصر به -- ،
فقال : ( ارقبوه ، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها ، وإن تركها فاكتبوها له حسنة ، فإنما تركها من جراي ) أي تركها من أجلي .
ثمرات الاحتساب
الاحتساب يعزز الإخلاص لله تعالى ويورث محبته ، ويحول العادات إلى عبادات ، كما
أنه يمنع تحول العبادات إلى عادات ، ويدعوا إلى الصبر والتصبر ، ويهون المشاق
ويلذذ المكاره ، ويدفع الحزن ويجعل العبد راضيا بقضاء الله محسنا الظن به سبحانه وتعالى .
ومن الأسباب التي تدفع المرء للاحتساب : علمه بأجور العمل ، وحرصه على مضاعفة
الأجر ، فالاحتساب تجارة المخلصين ، وكلما علم العبد أجر العمل زاد احتسابه للعمل ،
كما أن الاحتساب يكسب محبة الله تعالى ، وكلما استشعر العبد محبة الله له في العبادة
زاد من احتسابه لها وأدائها على الوجه الأكمل .
وإذا كانت رغبة المرء صادقة ولديه إرادة جازمة في اتخاذ الأسباب الدافعة للاحتساب ،
فإن الله جل وعلا يوفقه لذلك ، قال تعالى : { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد
ثواب الآخرة نؤته منها } (آل عمران : 145) ، ووقال تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى
لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } (الإسراء : 19) .
المصدر : إسلام ويب