سمــاح العــلوي
03-19-2009, 04:18 PM
عندما تتكاثر الجروح على أمة، فإن الأجيال قد تتعود على ثقافة النزيف،
نزيف الأخلاق ونزيف الأفكار ونزيف المواقف وربما نزيف الكرامة.
وعند هذا الحد فإن الأجيال لا تكاد تفرق بين عدوها وصديقها، وهي الكارثة التي ربما لا ينتبه إليها
الكثيرون، لأن ثقافة الاتكال والارتكان لم تكن أبدا وليدة يوم وليلة، وإنما هي تراكمات تربوية وثقافية يترسب
بعضها فوق بعض لتبني في النهاية جدرانا من التبلد والانهزامية وعدم الإحساس بمعاناة الغير.
وعند هذا الحد ربما يفيق البعض فجأة فيستعجب من الحال المتردية التي آلت إليها أوضاعنا الأخلاقية،
باحثين عن تغير لهذا الوضع، لكن هذا البحث وبكل أسف يأتي بعد فوات الأوان، عندما تكون تلك الثقافات
الهجينة قد تمكنت من العقول ووصلت إلى حد يصعب معه التغيير.
وإذا كان المنطق الذي يرتكن البعض إليه أن كثرة الحزن تعلم البكاء،
فإن المدلول التفسيري يختلف عند البعض على الأقل عن المدلول الذي يختمر في مخيلتي،
حيث
أظن أن هذا
البكاء غالبا ما يكون تذكيرا بالمأساة أو تنبيها بمآسٍ أخرى مماثلة أو للحيلولة دون تفاقم آثار المأساة القائمة.
أما مدلول البكاء عند الآخرين، فربما دل على التبلد وعدم الهبة لإغاثة
الملهوف التي هي جزء أساسي من الثقافة الإسلامية والعربية، متذرعين،
بما يردده البعض "ياما دقت على الراس طبول".
وأتعجب لم لا تكون هذه الطبول، طبول تنبيه توقظ النائم وتنبه الغافل وتحيي موات القلوب؟، لماذا أصبحت
بالنسبة لهم مجرد طبول مزعجة، فيضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يستمعوا إلى قرعها فتبدو بالنسبة
لهم وكأنها غير موجودة، رغم أنها موجودة بالفعل وقريبة منهم، لكنهم لا يرغبون في الاستماع إليها.
أظن أن حال أصحاب الطبول هؤلاء لا يختلف كثيرا عن حال أصحاب الجروح الذين قلت لهم.
صاح قم لا تترك الأيام تقتلها الجروح=أطفئوا القنديل والظلماء بالشكوى تبوح
غاب نجم كم تزينت السماء بنوره=حطموه بعد مجد كان لألاء وضوح
سرت في وطني غريبا قد ضللت به الطريق=في انتظار النجم يوما شمسه كادت تلوح
في انتظار العين لو فاضت وأعلنت الخروج=فوق وجه سافر ما تغير بالجروح
في انتظار الغيث يأتي بعد أيام عجاف=في انتظار الفجر تخرج شمسه يوما صبوح.
!!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الشرق القطرية
محمد الشرشابي /
نزيف الأخلاق ونزيف الأفكار ونزيف المواقف وربما نزيف الكرامة.
وعند هذا الحد فإن الأجيال لا تكاد تفرق بين عدوها وصديقها، وهي الكارثة التي ربما لا ينتبه إليها
الكثيرون، لأن ثقافة الاتكال والارتكان لم تكن أبدا وليدة يوم وليلة، وإنما هي تراكمات تربوية وثقافية يترسب
بعضها فوق بعض لتبني في النهاية جدرانا من التبلد والانهزامية وعدم الإحساس بمعاناة الغير.
وعند هذا الحد ربما يفيق البعض فجأة فيستعجب من الحال المتردية التي آلت إليها أوضاعنا الأخلاقية،
باحثين عن تغير لهذا الوضع، لكن هذا البحث وبكل أسف يأتي بعد فوات الأوان، عندما تكون تلك الثقافات
الهجينة قد تمكنت من العقول ووصلت إلى حد يصعب معه التغيير.
وإذا كان المنطق الذي يرتكن البعض إليه أن كثرة الحزن تعلم البكاء،
فإن المدلول التفسيري يختلف عند البعض على الأقل عن المدلول الذي يختمر في مخيلتي،
حيث
أظن أن هذا
البكاء غالبا ما يكون تذكيرا بالمأساة أو تنبيها بمآسٍ أخرى مماثلة أو للحيلولة دون تفاقم آثار المأساة القائمة.
أما مدلول البكاء عند الآخرين، فربما دل على التبلد وعدم الهبة لإغاثة
الملهوف التي هي جزء أساسي من الثقافة الإسلامية والعربية، متذرعين،
بما يردده البعض "ياما دقت على الراس طبول".
وأتعجب لم لا تكون هذه الطبول، طبول تنبيه توقظ النائم وتنبه الغافل وتحيي موات القلوب؟، لماذا أصبحت
بالنسبة لهم مجرد طبول مزعجة، فيضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يستمعوا إلى قرعها فتبدو بالنسبة
لهم وكأنها غير موجودة، رغم أنها موجودة بالفعل وقريبة منهم، لكنهم لا يرغبون في الاستماع إليها.
أظن أن حال أصحاب الطبول هؤلاء لا يختلف كثيرا عن حال أصحاب الجروح الذين قلت لهم.
صاح قم لا تترك الأيام تقتلها الجروح=أطفئوا القنديل والظلماء بالشكوى تبوح
غاب نجم كم تزينت السماء بنوره=حطموه بعد مجد كان لألاء وضوح
سرت في وطني غريبا قد ضللت به الطريق=في انتظار النجم يوما شمسه كادت تلوح
في انتظار العين لو فاضت وأعلنت الخروج=فوق وجه سافر ما تغير بالجروح
في انتظار الغيث يأتي بعد أيام عجاف=في انتظار الفجر تخرج شمسه يوما صبوح.
!!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الشرق القطرية
محمد الشرشابي /