لما فتح الله للمسلمين بلاد كسرى , استولى سعد بن أبي وقاص على كنوز كسرى وذخائره وملابسه وجميع النفائس التي ظل الأكاسرة يجمعونها قروناً من سائر أنحاء العالم . . وأرسل بها كاملة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فلما رآها - رضي الله عنه - قال : إن قوماً أدّوا هذا لأمناء !!
فقال علي بن ابي طالب : عفَفَتَ فَعَفت الرعية , ولو رَتَعْت لرتعوا !
صدقت يا علي . . لو رتع أمير المؤمنين لرتعت الرعية .
إن ربك لبالمرصاد !
لما جاء أبو عثمان بن عمرو بن عبيد إلى مجلس الخليفة المنصور قال له المنصور : عظنا يا أبا عثمان .
فقرأ سورة الفجر حتى بلغ قول الله - عز وجل - : { إن ربك لبالمرصاد } .
فبكى المنصور بكاءً شديداً .
ثم تابع يقول : إن الله اعطاك الدنيا بأسرها , فاشتر نفسك ببعضها , واعلم أن الأمر الذي صار إليك إنما كان في يد من كان قبلك ثم أفضى إليك , وكذلك يخرج منك إلى من هو بعدك , وإني أحذرك ليلة تمخضت صبيحتها عن يوم القيامة فبكى المنصور أشد من بكائه الأول حتى رجفت جنباه .
المعلم غيره
يا أيها الرجـــــل المعــــلم غيــــــره *********** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا ********* كيما يصح به وانت سقيم
لاتنــه عـــن خلـــق وتأتي مثلــــــه ********* عار عليك إذا فعلت عظيم
المروءة في القرآن الكريم
قيل لسفيان بن عيينة : قد استنبطت من القرآن كل شيء , فأين المروءة فيه ؟
فقال : في قوله تعالى : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } ففيه المروءة , وحسن الأداب, ومكارم الأخلاق , فجمع في قوله {خذ العفو } صلة القاطعين , والعفو عن المذنبين , والرفق بالمؤمنين , وغير ذلك من أخلاق المطيعين . ودخل في قوله : { وأمر بالعرف } صلة الأرحام , وتقوى الله في الحلال والحرام , وغض الابصار , والاستعداد لدار القرار , ودخل في قوله : { وأعرض عن الجاهلين } الحض على التخلق بالحلم , والاعراض عن أهل الظلم , والتنزه عن منازعة السفهاء والأغبياء .
المرء بأصغريه
دخل على عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - في أول خلافته وفود المهنئين من كل جهة . فتقدم عن وفد الحجاز غلام صغير لم تبلغ سنه إحدى عشرة سنة , فقال له عمر : ارجع وليتقدم من هو أسنُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ منك .
فقال الغلام : أيَّدَ الله أمير المؤمنين ! المرء بأصغريه : قلبه ولسانه فإذا منح الله العبد لساناً لافظاً , وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام ولو أن الأمر - يا أمير المؤنين - بالسن , لكان في الأمة من هو أحق منك بمجلسك هذا ! فتعجب عمر من كلامه وانشد :
تعلم فليس المرء يولد عالماً ******* وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده ******* صغير إذا التفت عليه المحافل
المحب المطيع
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ***** هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ******* إن المحب لمن يحب مطيع
في كــل يوم يبتديك بنعمــة ******* منه وأنت لشكر ذاك مضيع
الله أعلم حيث يجعل رسالته
" قال أعرابي لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين - رضي الله عنه - : هل رأيت الله حين عبدته؟ فقال : لَمْ أكُنْ لأعبد من لم أره , قال فكيف رأيته ؟ قال : لم تره الأبصار بمشاهدة العيان , ورأته القلوب بحقائق الإيمان , لا يُدرك بالحواس , ولا يُشبَّه بالناس , معروف بالآيات , منعوت بالعلامات , لا يجور في القضيات , ذلك الله الذي لا إله إلا هو . فقال الأعرابي : الله أعلم حيث يجعل رسالته " .
في حياة السلف حكمة :
وعظ عون بن عبد الله الفضل بن المهلب فقال :
إياك والكِبَر ,فإنها أول معصية حصلت في السماء : تكبَّر إبليس عن السجود لآدم , فصار من المطرودين الملعونين إلى يوم الدين ,
وإياك والحرص , فإنها أول معصية حصلت في الجنة : حرص آدم على أن يأكل من شجرة الخلد ( كما أقسم له إبليس ) فصار من المخرجين .
وإياك والحسد , فإنها أول معصية حصلت في الأرض حسد قابيل هابيل فقتله فصار من الآثمين .
الفيل يخاف الهرة
حكوا عن هارون بن موسى الأزدي أنه كان يحارب مع المسلمين في أرض الهند وقد اكتشف سراً خطيراً وهو ان الفيل يخاف من الهرة فلما حضرت الوقعة جاء ومعه هر فلما دنا الفيل منه رمى الهر في وجهه ففزع الفيل وولى هارباً وهربت الفيلة على أثره وتساقط الأعداء من فوقها .
العبرة بأن تعمل
قال يحيى بن خالد لشريك -علمنا مما علمك الله يا أبا عبد الله . فقال له شريك : إذا عملتم بما تعلمون علمناكم ما تجهلون . أي أنه لا فائده للعلم بلا عمل . وإن العمل بالعلم القليل ينميه ويجعله كثيراً . فلا عبرة بكثرة العلم إذن وإنما العبرة بأن تعمل .
الصوم في يوم حار :
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على رأس سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف : يا أهل السفينه قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه ؟ فقال ابو موسى : أخبرنا إن كنت مخبراً . قال : إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه انه من أعطش نفسه له في يوم حار سقاه الله يوم العطش , وكان حقاً على الله أن يرويه يوم القيامة .